Archive for the ‘مقالات’ Category

شعوب تقشر موتاها

Posted: August 6, 2010 in مقالات

 

 حول غابات بركان باتور في جزيرة بالي الأندونيسية
تعيش قبيلة وثنية تمارس طريقة غريبة في التخلص من الموتى
 فبدل دفنهم أو حرقهم أو حتى إلقائهم في البحر
 يلبسونهم أفضل ثيابهم ثم يجلسونهم في الغابة
مستندين على جذع شجرة
 و بعد بضعة أشهر يعودون
 للتأكد من أن الحيوانات أكلت الجلد و اللحم
و أن الديدان تكفلت بتنظيف العظام و تجاويف الجمجمة
 فيربطون الهيكل بالجذع بحيث يبقى مستنداً إليه إلى الأبد
 و بمرور الأيام امتلأت الغابة بالهياكل العظمية
 "الجالسة"
 و تحولت إلى موقع لهواة الرعب
 و كدت أنجح في زيارتها في مايو 2008 لولا أن
قائد الدراجة النارية
التي استأجرتها لزيارة البركان
 رفض بقوة و هدد بتركي حيث أنا
 !!
على أي حال
 هذه القبيلة ليست الوحيدة في العالم
 التي تستعين بالمخلوقات المفترسة للتخلص من موتاها
 فطائفة البارسيس فى الهند مثلاً تعتقد أنّ الجثة
كلما أسرعت فى التخلص من لحمها الميت
أسرعت فى دخول الجنة
 و لهذا السبب كانوا يعرضون موتاهم عراة
على منصات عالية كي تلتهمهم العقبان بسرعة
 و إن لم تنته العقبان من مهمتها خلال يوم واحد فقط
 كان على أهل الميت "تقشيره" بأنفسهم

 و نفس التصرف
 كان شائعاً في التيبت حتى عام 1950 حيث كان الميت
 يترك عارياً فوق هضبة مرتفعة
كي تأكله العقبان و الغربان
و حين تنتهي من مهمتها
 يسحب الهيكل العظمي لإكمال طقوس الوفاة
و تخزينه في أحد الكهوف الخاصة
.
 أما أفراد قبيلة ساوناكي في غينيا
فكانوا يتخلصون من موتاها
برميهم إلى "التماسيح المقدسة" التي ينظرون إليها
 كتجسيد حي لأرواح أسلافهم القدامى
و الغريب أنهم يعمدون لدفن التماسيح
حين تموت على الشواطئ
 !!
 و شبيه لهذا الاعتقاد
 نجده لدى قبائل الصيادين في شرق كمبوديا
التي لا تمانع في رمي أجساد الموتى لأسماك القرش
 كونها ستتحول بدورها إلى تجسيد حي لهؤلاء الأموات
و الغريب أن ابتلاع القروش لأحد الصيادين
 يعد في نظرهم بمثابة استدعاء مقدس من أحد الأسلاف
 !
و مساهمة الضباع و العقبان و القروش بهذا
الجانب "الإنساني" يذكّرنا بمهمتها الأساسية
 على كوكب الأرض
 فهي تصنف من الحيوانات الرمّامة
 أو القمّامة
التي خلقت لتنظيف الأرض من بقايا
 المخلوقات الميتة و الجيف النتنة
 و إيماناً منه بهذه الحقيقة
اقترح وزير الصحة السابق في سيراليون
التي تعاني من مجاعات و حروب أهلية مستمرة
 تربية مجموعة من الضباع
تطلقها الوزارة بصفة دورية لالتهام جثث الموتى المتناثرة في كل مكان
 !!
 أما الأكثر غرابة
من دور الضباع والعقبان والقروش في التخلص من الموتى
 فهو قيام بعض البشر بهذا الدور
 فهناك جماعات بدائية كثيرة حول العالم
تعمد إلى أكل موتاها بدافع الحب و الاحترام
 و ليس القسوة أو التوحش في مناسبات وظروف خاصة
 ففي شرق الهند مثلا ً كانت تنتشر عادة أكل الوالدين
 كي لا يُهانا بدفنهما في التراب
 !!
 و كانت قبائل الدييري الملاوية تأكل ذوي العاهات
 لضمان استقرار أرواحهم المتعبة

 و في عشائر الميورونا الهندية كانت الأمهات
 يأكلن أولادهن الرضع بدافع العطف و الحنان

 و في غينيا الجديدة كان الأقرباء يأكلون أحباءهم
 إكراماً لهم من أن يصبحوا طعاماً للدود والحيوانات المفترسة
!
 و في وسط أستراليا
كانت البنت الصغيرة تُذبح ليأكل منها أبوها العجوز
 أو أخوها المريض كي تنتقل الصحة و القوة إليهما
!!
و قبل أن أختم المقال
 دعوني أخبركم بنصيحة (تناسيت عمداً) إخباركم بها منذ البداية

لا تقرأوا هذا المقال قبل طعام الغداء

المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المتألق 
فهد عامر الأحمدي


 
 
 
    أخبرني أحد رجال الأعمال بقصة نموذجية قال فيها
كان لدي سكرتير نشيط
حمل عني أعباءً كثيرة
و مع توسع أعمالي و مهامي
 زادت أعماله و مهامه
 و مع ذلك لم تتغير كفاءته أو سرعته في العمل
 كنت أحزن عليه في داخلي و أقول
 متى ينفجر ويقولها صريحة
أريد مساعدين معي
 و أخيراً
 أتى اليوم الذي أبلغني فيه بهذا الطلب
و لكن عن طريق أحد الأصدقاء لأنه خجول
 و لايعرف غير كلمة
حاضر
 حينها ناديته و سألته
 و ماذا تقترح يا أستاذ عادل
؟
 قال : ننشئ قسماً للسكرتارية من خمسة موظفين
 كل موظف يهتم بقسم من الشركة
 أعجبتني الفكرة
 فاستحدثنا هذا القسم
و لكن هل تعلم ماذا حصل
 ؟
 انخفضت سرعة العمل و مستوى الإنجاز
رغم أنهم أصبحوا ستة و أصبح "عادل" نفسه مثال التسويف و المماطلة
 كانوا ببساطة
يلقون المهام على بعضهم البعض
 و تضيع المعاملات فيما بينهم
و أصبحت الإتكالية و التهرب الصفة الغالبة على عملهم
،
سألته
 و ماذا فعلت
؟
 قال : و ماذا أفعل ألغيت القسم بأكمله و زدت راتب الأستاذ عادل
!!
 هذه القصة
 تثبت كيف ينجح البعض تحت الضغط والإحساس بالمسؤولية
و يتقاعس حين يجد سعة من الوقت و توفر الإمكانات
 و لو رجعت بذاكرتك للخلف
 ستتذكر مهام كنت تعتقد أنت شخصياً
 أن إنجازها سيستغرق وقتاً طويلاً و جهداً عظيماً
 و لكنك (تحت ضغط الوقت و الحاجة) أنجزتها
خلال فترة قصيرة و قياسية
 و كم مرة أيضاً
 شعرت بأن الوقت مازال مبكراً للذهاب لموعد ما
فشغلت نفسك بأشياء أُخرى
 و بدأت بالتسويف والمماطلة (و النتيجة) أنك تأخرت كالعادة
 و في المقابل
 كم مرة لم يعمل فيها المنبه
 فتستيقظ فزعاً خشية التأخر عن الدوام
 فتُحضر نفسك على عجل
و تلبس ثوبك (ع الدَرج) ثم تفاجأ بأنك وصلت في الوقت المناسب
 في الحالة الأولى
رغم امتلاكك الكثير من الوقت
إلا أن تقاعسك أدخلك في دوامة من التسويف و المماطلة
و التصرف بطريقة خاطئة
 أما في الحالة الثانية (فرغم ضيق الوقت) إلا أن الأوليات
 كانت واضحة في ذهنك فوصلت بنجاح
!!
كل هذه الأمثلة
مجرد "حالات ذهنية" تشكلها الإعتقادات المسبقة
و تقييمنا الخاص و شعورنا بالمسؤولية
 فأنت تتأخر و تتكاسل حين تعتقد أنك تملك الموارد
و الوقت الكافي لعمل كل شيء
 فيضيع منك كل شيء
 و في المقابل
 تنجز أعمالك في الوقت المناسب
 و ربما قياسي في حال كنت واعياً لوضعك الحرج
 فتقتصر على الأولويات
 و تتدارك مواطن النقص و الضعف بسرعة
!!
و في الحقيقة
 سير الناجحين و العظماء تثبت أنهم
كانوا يعانون دائماً من ضيق الوقت
 مثل كل الناس هذه الأيام
و مع ذلك كانوا ينجزون أعمالاً تفوق الفارغين بمراحل
 فضيق الوقت
 رفع مستواهم و صقل مهاراتهم
فأصبحوا ينفذون المهام بنجاح و أقل وقت ممكن
 و في المقابل
 يرافق الفشل كل من يعتقد
أن لديه الوقت الكافي لعمل كل شيء فيضيع منه العمر و لم ينجز أي شيء
!!
هذا باختصار الفرق بين السرعة و العجلة
فالناجحون
يوظفون خبراتهم وذكاءهم لإنجاز المطلوب في أسرع وقت ممكن
 أما الفاشلون
فحين يفاجأون بضيق الوقت
 يتعجلون و يعملون على أكثر من جبهة فينتهون للاشىء
 الناجحون يعيدون دائماً جدولة أنفسهم
و تنظيم أوقاتهم كلما كلفوا بمهمة جديدة و زادت عليهم الأعباء
 أما الفاشلون فيرتبكون و يتخبطون و لايعرفون من أين يبدأون فيبقون
مكانك سر
هذه الحقيقة
أدركها ونستون تشرشل فقال
إن أردت إنجاز عمل في وقته فأعطه لرجل مشغول
 
كما أدركها المفكر الإنجليزي تشسترفيلد حين قال
  ذوو العقول الحصيفة قد يسرعون و لكنهم لايتعجلون
باختصار
 :
من الذكاء تعلم كيفية إنجاز أعمالنا (بسرعة) و لكن
من الحمق محاولة إنهائها على عجل
 
 
المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع
فهد عامر الأحمدي

مشروع بوب آي

Posted: February 9, 2010 in مقالات

 
 
فيتنام بلد استوائي كثيف المطر
يعد الأرز المحصول الأنسب للزراعة فيه
حيث تتطلب زراعته إغراقه بالماء أصلاً
و لكن في عام 1971 حدثت ظاهرة غريبة
لم يعهدها الفيتناميون منذ قرون
ففي عز الحرب مع الأمريكان
هبطت أمطار غزيرة بشكل متواصل و في غير موسمها المعتاد
و تشكلت على إثرها أعاصير غير مسبوقة
و ظل البرق يرعد بشكل يومي و متواصل
وهذه الحالة الجوية شكلت عائقاً كبيراً لقوات المعارضة الفيتنامية
و قيل حينها إن القوات الأمريكية
استعملت طرقاً خاصة لحث المطر على النزول
و اعتمدت هذه الفرضية على وجود مشروع أمريكي حقيقي
 للاستعانة بالظواهر الجوية في الأعمال العسكرية
يُدعى بوب آي
 أو
Popeye
و هو برنامج سري جربه سلاح الجو في لاوس و شمال فيتنام
 يستعين فيه علماء المشروع بصور الأقمار الاصطناعية
 لتحديد مواقع و اتجاهات السحب
 و حين يحددون أفضلها يطلقون نحوها طائرات تنثر فوقها
يوديد الفضة
 أو
 نترات الأمونيا
 لحثها على الإمطار
!!
 و من المعروف
أن المطر يحتاج إلى ذرات صلبة يتكثف حولها قبل أن ينزل للأرض
 فالسحب مجرد "بخار ماء" إن لم تتكثف حول مادة صلبة
كذرات الغبار أو بلورات الثلج أو الرياح اللواقح قد لاتمطر أبداً
أضف لهذا أن للسحب أنواعاً كثيرة لايمطر منها غير نوع واحد فقط
 يُدعى
السحاب الركامي
و بالجمع بين هاتين الحقيقتين يمكن تقبل نظرية المؤامرة
بخصوص ما حصل في فيتنام
حيث الجو هناك محمل دائماً بالسحب الركامية المناسبة
 و سلاح الجو الأمريكي يملك الوسائل اللازمة
 لرش المواد الحاثة على نزول المطر
!!
غير أن مشروع "بوب آي" أُلغي بعد فترة قصيرة من فضحه
على يد صحفي يدعى جاك أندرسون
و أعربت حينها الأمم المتحدة
عن خشيتها من استغلال العوامل الجوية
كسلاح لتهديد الشعوب
 و بعد معاهدة 1974 بين أمريكا و الاتحاد السوفياتي
 اتفق الطرفان على إيقاف تجاربهما في هذا المجال
!!
على أي حال من الأمانة القول أن
استمطار السحب
طريقة اكتشفها العلماء قبل حرب فيتنام بثلاثين عاماً
ففي ذلك الوقت أكدت طائرات البحث وجود بلورات ثلجية دقيقة داخل السحب
 ثم ثبت لاحقاً أن السحب لا تضم فقط بلورات ثلجية
 بل و ذرات غبار متطايرة و حبوب لقاح وأملاحاً بحرية
بل و حتى جراثيم و عوادم سيارات
و عند درجة حرارة معينة تتكاثف قطرات المطر حول هذه الذرات
 و تنزل إلى الأرض حين تصبح ثقيلة
 و في عقد الأربعينيات نجح العلماء في استمطار بعض السحب
برشها بثاني أكسيد الكربون المجمد أو ما يعرف بالثلج الجاف
و في العقود التالية تطورت الفكرة و اكتشف العلماء مواد رش أكثر فعالية
كما استعملوا بجانب الطائرات الصواريخ و البالونات
 التي تنفجر في قلب السحابة مالئةً إياها بالمواد الملقحة
!!
غير أن هذه الطريقة كما ذكرت سابقاً لاتصلح
 مالم تتوفر في الجو أصلاً سحب ماطرة
و بالتالي لايمكن أن تنجح في المناطق الصحراوية
و أذكر أن الرئاسة العامة للأرصاد و حماية البيئة جرّبت استعمال هذه الطريقة
في المنطقة الجنوبية
و لكن بلا نتيجة تذكر لعدم توفر السحب الركامية أصلاً
 أما في فيتنام
 فكان مجرد وجود السحب الركامية فوق منطقة العدو
 يكفي لإمطارها بغزارة
بقيت ملاحظة بسيطة
مشروع "بوب آي" مضى عليه الآن أربعون عاماً على الأقل
!!!
المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع

فهد عامر الأحمدي

ثقافة الكاميكازي

Posted: January 20, 2010 in مقالات

 

    لاحظتُ كما لاحظ غيري

 بروز مظاهر إعجاب مفاجئة بالمجتمع الياباني

 فور انتهاء برنامج خواطر الرائع

الذي قدمه الأستاذ أحمد الشقيري في رمضان الماضي

عن التربية والتعليم في اليابان

 و لكن في المقابل

 لا ننسى أن في الثقافة اليابانية جانباً مظلماً

 يشجع على "الانتحار" و إزهاق النفس بدافع الاحترام و الشرف

 و استدراك الخطأ 

 فقبل أيام فقط قرأت في هذه الصحيفة

أن عدد المنتحرين هناك تجاوز حاجز الثلاثين ألفاً

للعام الثاني عشر على التوالي

 دون احتساب خمسة أضعاف هذا الرقم

تم تراجعهم أو استدراكهم في آخر لحظة

و تفيد الاحصائيات أن هناك في المتوسط 90 حالة انتحار في اليوم

 و قرابة ألف شخص على حافة الانتحار في أي يوم من أيام العام

و بطبيعة الحال هناك أسباب كثيرة لانتحار اليابانيين

 كالأسباب الاقتصادية و الصحية و العاطفية

و لكن يبقى الأهم و الأبرز هو

 الانتحار بسبب الفشل و الخجل من مواجهة المجتمع

 فالثقافة اليابانية تحث على الانتحار في حالة

 الفشل

  و الهزيمة

 و عدم القدرة على أداء الواجب

و هو ما يفسر انتحار كثير من الطلاب بعد انتهاء الامتحانات

 و كثير من الجنود بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية

و في حين تنظر كافة المجتمعات للانتحار كمأساة شخصية

 ينظر اليابانيون للانتحار بسبب التقصير

و ارتكاب خطأ كوسيلة اعتذار و تكفير و استعادة الاحترام 

 و تعود هذه النظرة إلى عشرات القرون

 و تم تطبيقها على نطاق جماعي واسع

خلال الحرب العالمية الثانية 

 فرغم أن هزيمة اليابان باتت مؤكدة في نهاية الحرب

لم تتوقف هجمات الطيارين الانتحاريين

 الكاميكازي

 على السفن الأمريكية ليس على أمل تغيير مجرى الحرب

 بل تكفير عن فشلهم في صد الهجوم و تقديم واجب الاعتذارللشعب الياباني

أما على الأرض فبدأت سلسلة انتحارات صامته

 بدأت برئيس الوزراء

و قادة الجيش و المسؤولين السياسيين

 بطريقة الهاراكيري الشهيرة

فاليابانيون هم الشعب الوحيد

 الذي يملك طقساً مقدساً للانتحار يدعى

 هاراكيري

 يتطلب جلوس الضحية على ركبتيه و إمساك سيف خاص

 يغرسه أسفل بطنه

 ثم يرتفع به الى زاوية الرئتين

و يظل على هذه الوضعية حتى يتصفى دمه تماماً

ورغم اعترافي بوجود دول تفوق اليابان

 في نسبة الانتحار و المنتحرين

 مثل روسيا و دول البلطيق

 إلا أن أياً من هذه الدول لا تماثل المجتمع الياباني

 في النظر للانتحار كوسيلة للتكفير و استعادة الشرف 

 فجميع المجتمعات البشرية

 تعارض فكرة الانتحار بأي عذر و سبب

 و تحاول مقاومتها بشتى الوسائل و الطرق

 أما اليابان فتظل الوحيدة التي يعد فيها الانتحار

 بسبب الفشل أو ارتكاب خطأ و عدم تأدية واجب

 بمثابة اعتذار و تكفير و محاولة أخيرة لاستعادة احترام المجتمع

 و ثقافة كهذه

هي ما يجعل من انتحار السياسيين والمسؤولين

 بعد أي فضيحة أمراً متوقعاً و حدثاً غير مستغرب

 في نظر المواطنين وعائلات الضحايا أنفسهم 

… و في المقابل لاحظ غفر الله لك و للجميع

أن ما يحدث في اليابان يختلف تماماً

 عما يحدث في مجتمعنا المحلي

 بعد أي فضيحة أو تقصير في أداء الواجب 

 فمن منكم مثلاً سمع بمسؤول

 انتحر

 أو اعتذر

أو استقال

 أو اختفى خجلاً

 أو حتى "غرق" !!؟

… ولا يخبرني أحد بأنهم لا يفعلون ذلك خوفاً من الله …

المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع
فهد عامر الأحمدي


 
 حسب علمي
بريطانيا هي الدولة الوحيدة في العالم
التي تمنح (ألقاباً رسمية) يمكن بيعها وشراؤها
فمـــــــن
 لورد
إلى
 دوق
 إلى
 فارس
 إلى
 نبيل
إلى
 بارون
 جميعها ألقاب تعود إلى القرون الوسطى
 قصد بها تمييز النبلاء عن الرعاع
و الفرسان عن المرتزقة
 و الأرستقراطيين عن عامة الشعب
وفي البداية
كانت هذه الألقاب لا تمنح إلا لذوي الجاه وأفراد الطبقة الراقية
ولكن منذ عام
 1917
 أصبحت أوسمة " الإمبراطورية البريطانية " تمنح لكل من
 أدى خدمة جليلة من عامة الناس
ومنذ بدأ الملك جورج الخامس هذا التقليد
و الألقاب والأوسمة تمنح بشكل سنوي
 من قبل لجنة ملكية خاصة
 ففي بداية كل عام ميلادي
 تمنح الملكة أكثر من ألف شخصية
ألقاباً تتراوح بين
حامل وسام الإمبراطورية
 إلى
سير
 و
دوق
 و
فارس
ومختلف ألقاب النبالة الباردة في انجلترا
 كما يتم تكريم ألف شخصية أُخرى
مثل رؤساء الوزراء السابقين
 و أبطال الحروب
 و الشخصيات التي قدمت خدمات علمية رائدة
ومنذ سن هذه الظاهرة
حدثت طرائف واتفاقيات مخجلة لا تدل بأي حال على نبالة أصحابها
فخلال النصف الثاني من القرن العشرين مثلاً
 قام موندي جريجوري أحد النبلاء الذين ورثوا كماً كبيراً 
من الألقاب بإعادة بيعها سراً بأسعار حددها بنفسه
فقد باع لقب " فارس " بعشرة آلاف جنيه و لقب " بارون " بثلاثين ألفاً
 كما باع لقب "نبيل" إلى رئيس الوزراء
 لويد جورج بمبلغ مائة ألف جنيه
 ويشهد التاريخ أن الحكومة البريطانية نفسها
 كانت تبيع تلك الألقاب حين تفلس خزانتها
ومن أشهر باعة الألقاب
 الملك ويليام الفاتح
 و
 إدوارد الثالث
 و
 جيمس الأول
 و
 تشارلز الثاني
 و
جورج الثاني
كما أن السيدة مارغريت تاتشر
 توسطت (17 مرة) لمنح ألقاب النبالة إلى رجال أعمال
 و صناعيين قدموا لحزب المحافظين تبرعات
 لا تقل عن خمسة ملايين جنيه إسترليني
!!
على أي حال
 تمييز الأسياد تصرف مشترك تمارسه جميع الأمم
وإن لم يكن بشكل رسمي كبريطانيا
وهذا التمييز يتم في الغالب عن طريق ألقاب شعبية
تسبق اسم من نؤمن بأهميته و ارتفاع مكانته
 ففي مصر مثلاً ماتزال تستعمل ألقاب مثل
باشا
 و
بيه
 رغم إلغائها رسمياً عقب ثورة 23 يوليو
 ومن المعروف أن ألقاباً
 مثل
 سعادة
 و
 معالي
 و
دولة الرئيس

تركية المنشأ
ما تزال تستعمل في مختلف الأقطار العربية
 وفي الشام بالذات خرج العثمانيون ولم تخرج معهم ألقاب مثل
أفندي
 و
دولة
 و
بيك
وقد أخبرني أحد الأخوة اللبنانيين أن لبنان
 على صغر مساحته
 يتضمن أكبر قدر من الألقاب الخاصة بكل منطقة على حدة
 ففي طرابلس مثلاً اللقب المبجل هو
 أفندينا
 وفي بيروت كانت
البكوية
 هي اللقب الغالب
 في حين أن
 الخواجة
 هو الشائع لمخاطبة الصفوة من المسيحيين
أما لقب "الشيخ" فكان حتى القرن التاسع عشر
 تتوارثه عشر عائلات فقط في جبل الشيخ  أما اليوم فقد خرج للعامة
و أصبح يطلق على كل صاحب مال وسلطة في تلك المنطقة
أما في مجتمعنا السعودي
 فمن الملاحظ عشقنا للأوزان العلمية الكبيرة
و الفقهية الثقيلة
 مثل
شيخ
و
 دكتور
 و
إمام
 بل وحتى ابن تيمية هذا الزمان
التي نطلقها على من يستحق ومن لا يستحق
 ولأن حرف "الدال" أصبح مستهلكاً هذه الأيام
بدأنا نسمع عن ألقاب علمية وفقهية جديدة نسبياً
 مثل
بروفيسور
 و
بحاثة
 و
مفكر
و
حُجة
و هي في معظمها تستعمل لإخفاء الحقيقة أكثر من إبدائها
 وللتبجيل الإجتماعي أكثر من الإنجاز الأكاديمي
والعجيب ( أيها السادة ) أنه مقابل رغبة البعض
 في التمايز والاستعلاء
 يقول صفوة الخلق عن نفسه
لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم
 إنما أنا عبد، فقولوا: عبدالله ورسوله
المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع
فهد عامر الأحمدي

 
 
مثل كافة الكُتاب
 تأتيني بين الحين والآخر
 رسائل قذف و شتيمة يصعب نشرها
 ومثل بقيّة الكُتّاب أيضاً
 اعتدت عليها
و أصبحت أنظر إليها كسوء تربية ودليل جهل وقلة حيلة
 فقبل أيام مثلاً
 وصلتني رسالة إلكترونية
يتهمني صاحبها بالعلمانية والإلحاد والزندقة
ويصف جريدة الرياض و الوطن
 في سياق الكلام
بوكر الكافرين والمرتدين والعلمانيين ووو
و رسالة كهذه
 تثبت بنفسها خلفية صاحبها وجهله
بالفرق بين
 الإلحاد والعلمانية
 و الكفر و الردة
 ناهيك عن تجاوزه لحديث المُصطفى صلى الله عليه وسلم
 من كفّر مسلماً فقد كفر
 
ورغم أنها ليست المرة الأولى
 التي أستلم فيها رسالة من هذا النوع
 إلا أنها نبهتني إلى شيوع الخلط بين هذه المسميات
 و الجهل بمعناها الحقيقي بين معظم الناس
ففي حين يفهم معظمنا الفرق بين المسلم و الكافر
 والمؤمن و المرتد
 يخلط كثير منا بين الملحد و العلماني
 و المتدين و اللاديني
و المؤمن و الدارويني
 و الربوبي و اللاأدري
 وأعتقد أن المصطلحين الأخيرين هما الأكثر غموضاً
 كوني لم أستلم أي رسالة تتضمنهما
 
!!
 فالمُلحد
هو من لا يؤمن بوجود خالق للكون
 وبالتالي لا يؤمن بوجود الله ولا رسله ولا دياناته
ولا حتى وجود هدف من حياته ووجوده
 والإلحاد في الغالب موقف متشدد
كون المُلحد
 يرفض حتى تساؤلاته العقلانية
 بخصوص نشأة الحياة وروعة الكون وعظمة الخلق
 و هو ماجعل البعض يصف الإلحاد برأس الجهل وقمة التعصب
 
 أما الربوبي
وهو مصطلح ليس له علاقة بتوحيد الربوبية
 القاضي بإفراد الله بالخلق والملك
فيؤمن بوجود "رب" للكون ومدبر للحياة
و توصل بذاته إلى استحالة ظهور الخلق بدون خالق وقوة حكيمة
 غير أنه لا يؤمن بالأديان ذاتها
و يعتبرها ابتكاراً بشرياً وموروثاً ثقافياً
 يعتنقها الأفراد بحكم النشأة وموقع الولادة
وكان هذا في الحقيقة موقف نيوتن وآينشتاين وداروين
 
 أما المتدين
فهو من ينتسب لأحد الأديان بحكم الموقع أو الاعتقاد
 ويمارس طقوساً تعبدية
 يتواصل من خلالها مع الآلهة التي يؤمن بها
وبالتالي قد يكون المتدين مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً
 كما يصبح من الجائز وصف الهندوسي والبوذي بالمتدين أو المتعصب
 
 وبعكس ذلك ،، اللا ديني
 الذي لا يرفض الدين بالضرورة
 ولكنه ينظر إليه كعلاقة خاصة بين الفرد
وما يؤمن به
 دون أن يفرض قناعاته على غيره
 ضماناً لعيش المجتمع بسلام وتواؤم
و كثيراً ما نصف أحدهم بالعلماني بمعنى اللاديني
 
 أما العلمانية نفسها
 فمصطلح مخادع (كون العلم من ركائز الإيمان) ويعني غالباً
 فصل الدين عن الدولة
وبالتالي ليس من الدقة وصف أحدهم بأنه "علماني" كون العلمانية وضعاً عاماً
 وتوجهاً سياسياً وثقافياً تقوده الدولة والمجتمع
 
 والمفارقة هنا
أن العلمانية حين تطبق في أي مجتمع
 تعمل لصالح المتدينين أنفسهم
 كونها تضمن لهم حرية العبادة والإعتقاد
كما هي حال الجاليات المسلمة في الغرب
 
 أما التطوري أو الدارويني
 فيؤمن بنشوء الحياة وتطور الكائنات بطريقة الإنتخاب الطبيعي
 حسب النظرية التي وضعها تشارلز داروين
و رأى فيها المتدينون فرضية بديلة لظهور الحياة

 ولكن الحقيقة هي أن الدارويني
 قد يكون ملحداً يؤمن بنشوء الكائنات بطريقة ذاتية
 دون تدخل خارجي
 و قد يكون مؤمناً ومتديناً
 يؤمن بتطورها وتشعبها تحت مشيئة رب قادر وخالق مدبر
 

 أما  اللاأدريون
 فهم ببساطة من عجزوا عن التوصل لشيء
 ولا يستطيعون نفي أو تأكيد وجود خالق للكون
أو رسالة سماوية حقيقية
ويطلق عليهم (اللاأدرية) كونهم يرون استحالة الجزم
 بمسائل كهذه لإنتفاء الدليل وعجز العقل وغياب المنطق
 وقيل إنهم أكثر المفكرين تواضعاً
 لأنهم لا يجزمون
 ولا ينفون
 ويعترفون بعدم الدراية والعلم
،،
 وهذا أيها السادة من باب العلم بالشيء فقط
وأيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما 
 
ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم
 
 
 
 
المصدر ،، زاوية حول العالم
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
 
للكاتب المبدع

فهد عامر الأحمدي

 
 
جميعنا يرفض أكل الحشرات
والعناكب والطين
 وقطع الفلين
وأمعاء السمك
وكبد الحوت
و أوراق التوت
وكل مادة غريبة أو قذرة أو تثير الاشمئزاز
 !!
ولكن ماذا لو كان هناك إنسان يشتهي هذه العناصر
 ويأكلها باستمتاع وتلذذ
في هذه الحالة
 نفترض أنه يعيش فترة مجاعة أو حالة طارئة
 أو وضع صحي خطير
 ففي الحالات الطارئة فقط
حيث يشح الطعام المعتاد
 يبدأ الجسم في اشتهاء مواد غريبة
وربما قذرة
 يجد فيها حاجته من
 الفيتامينات والمعادن التي تبقيه على قيد الحياة
فهناك مثلاً
 قصة حقيقية عن بحار تاه في المحيط
فوق قارب مطاطي لمدة 76 يوماً
 ومن حسن حظه
 أن القارب كان مزوداً بمضخة يدوية لتحلية مياه البحر
 وسناّرة لصيد السمك
 ولكن بعد أربعة أسابيع من أكل لحم الأسماك
ورمي مخلفاتها من رأس وأمعاء وكبد و زعانف
 لاحظ في نفسه ميلاً مفاجئاً لأكل
 الرأس
 و
الكبد
 و
الأمعاء
و
الفضلات الداخلية في السمكة
 وما حدث هنا
أن "لحم السمك الخالص" لم يكن كافياً لوحده
 لتحقيق التوازن الغذائي ومد جسمه بالفيتامينات والمعادن
 فأصبح يشتهي أكل الكبد
كونه يتضمن قدراً كبيراً من الفيتامينات
 والرأس
كونه يحتاج للكالسيوم
 و العيون والزعانف وفضلات الأمعاء
 كونه يحتاج للمزيد من الأملاح والمعادن
والعجيب هنا
أنه لم يكن خبيراً في التغذية
كي يتعمد تناول هذه العناصر بالذات
ومع هذا
 تمكّن من تحقيق توازن غذائي مدهش
 بفضل موهبة جسده في التعرف على الأطعمة
 التي تسد حاجته للعناصر الغذائية الناقصة
وهذه الظاهرة الفريدة
تلاحظ أيضاً لدى كل من تاه في الغابة
حيث يبدأ الجسم في اشتهاء
نباتات وفواكة وبذور وأوراق خاصة
 تسد دون غيرها
حاجته من بعض الأملاح والفيتامينات والمعادن الناقصة
وحتى في الأحوال العادية
 قد يجد بعض المرضى في أنفسهم
ميلاً مفاجئاً لأطعمة لم يكونوا يميلون إليها من قبل
فيتضح أنها أطعمة تملك نسبة عالية
من عناصر يحتاجها الجسم بشدة في تلك الفترة بالذات
 وحين يعمد بعض الأطفال إلى لعق التراب
 أو مص الحصى
يفعلون ذلك لأنهم يعانون غالباً من سوء تغذية
و يحاولون (بصورة تلقائية) تعويض نقص الأملاح
والمعادن في أجسادهم
 وجميعنا يلاحظ أننا هذه الأيام
في شهر رمضان
 نشتهي كميات أكبر من
 الحلويات والسكريات
لتعويض النشا الحيواني أو سكر الجليكوجين
الذي استهلكناه خلال فترة الصيام
خصوصاً لدى مرضى السكر
الذين يعانون من انخفاض الأنسولين
أضف لذلك
 لا ننسى ما يُعرف بـ"وحام الحامل" حيث تجتاح بعض الحوامل
 رغبة عارمة
 لتناول أطعمة غريبة ومواد خارجة عن المألوف
وهي ظاهرة عالمية
 يكمن تفسيرها في أن جسم المرأة يعي و يشتهي
 العناصر الغذائية التي يفتقدها أو يحتاجها
في فترة الحمل وتكوين الجنين
 وكانت شركة "سانتوجين" لصناعة الفيتامينات
 قد أجرت دراسة على 200 حامل
 فاكتشفت أن بعضهن تناولن مواد غريبة
 لتعويض النقص الغذائي في أجسادهن
 مثل
الفحم
و
الطين
 و
أعواد الثقاب
و
لعق أحذية الأطفال
 بل وحتى تناول خلطات غريبة مثل
 آيس كريم بالخردل
 و
فراولة بالثوم
 و
جاتوه بالكتشب
 وخيار بالكسترد
!!
وكل هذا أيها السادة
 يثبت أن رغبتنا في تناول نوع معين من الطعام
ما هو إلا ظاهرة طبيعية
ونداء من الجسم لتعويض نقص حقيقي تعرض له
خصوصاً في حالات المرض وفترة النقاهة
وبناء عليه
 حان الوقت لترك الأطفال وما يشتهون
 والمرضى وما يرغبون
 في حين لا يجب الإستهانة بوحام الحامل
أو لنقل فطورها وسحورها
 كي لا يتضرر الجنين نفسه
 !
 
المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
للكاتب المبدع
فهد عامر الأحمدي

 
كنا ومازلنا
 نسمع من ينصحنا باستغلال أوقات الفراغ
كانوا ومازالوا
يحذروننا من
الفضـــــاوة
وكيف أنها بداية للصياعة و الإنحراف
كانت ومازالت القاعدة التربوية تقوم على
شغل الفتى بأي هواية
كي لايفكر في 
الـ ـ ـ ـ
 ولا
الـ ـ ـ ـ
 ولا حتى
الـ ـ ـ ـ
،
أنا شخصياً اكتشفت أن كل ذلك هراء في هراء
 فعلى العكس تماماً
قد يكون أفضل ما نفعله في أوقات الفراغ
 هو أن لا نفعل شيئاً على الإطلاق
فوقت الفراغ نعمة
إن سنحت لك فاسترخ فيها بعيداً عن مصادر الإزعاج
،
الفكرة التي توصلت إليها
 أننا في زحمة الحياة
لانستعمل أدمغتنا ولانستغل الحد الأدنى من إمكانياتها
،
 كل يوم ننفذ أعمالاً مكررة
 ونتبع قواعد وضعها أشخاص غيرنا
 لامجال للمبادرات الشخصية
 ولا وقت للتأمل والتفكير ومراجعة الذات
أما حين نعود للمنزل
حيث يفترض السكينة والهدوء
فنجد أنفسنا عالقين في صراخ طفولي
 وصراع صبياني
 و حين تهدأ الأمور نسبياً
 نسلم عقولنا طواعية للفضائيات
 تلعب حتى ننام
،
باختصار
 في هذا الزمن المزدحم
 أصبح الفراغ نعمة ينطبق عليها حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ
،
السؤال هو
 كيف نخلو بأنفسنا ونفكر بما حولنا
؟
 كيف نستقطع وقتاً للتأمل والتخطيط ومراجعة الذات
؟
الجواب ببساطة
 لا تفعل شيئاً على الإطلاق
 بما في ذلك مشاهدة التلفاز وقراءة الصحف
فحين لاتفعل شيئاً
ستجد أن إمكانياتك الذهنية تتعاضد
بدون إرادتك لحل أبرز معضلة تشغلك
 أنا شخصياً حين يمُن عليّ الله بيوم هادئ
لا أكتب فيه مقالاً أو يخرج الأطفال بدوني
 أطفئ أضواء البيت وأغلق التلفاز واستلقي على أريكة مريحة
فحين يخيم الصمت
ويغرق المكان بالظلام
اكتشف عالماً داخلياً شديد الروعة والصفاء
 وما إن تجرب ذلك
 حتى تلاحظ أن مخك بدأ يعمل لوحده
ولن تستطيع إيقافه وكأنه جني استيقظ من سبات طويل
وستدرك حينها فقط
أنه لم يعمل بهذا النشاط منذ زمن طويل
فأنت إما لاتترك له فرصة للعمل
أو أنك أجّرته للتلفزيون والبلوت
أو حتى استهلكت طاقاته في مناقشات عقيمة وصراعات تافهة
،
ولا أدّعي أنني أول من اكتشف هذه الحقيقة الكسولة
 فقد قالت العرب قديماً
 الخلوة أخت العبقرية
،
 وقال الفيلسوف الفرنسي
 باسكال
 80%
من مشاكل البشرية ستختفي لو تعلم الناس الاختلاء بأنفسهم في غرفة مظلمة

،
وحين سُئل الأديب الساخر برنارد شو
لماذا تختلي بنفسك دائماً
،
 فقال
 لأنني أحب الجلوس مع رجل ذكي
،
 أما الصينيون
 فرغم نشاطهم المعهود
يملكون فلسفة جميلة
تقوم على تقديس الفراغ المثمر والخمول البنّاء إن جاز التعبير
 وهم يعتقدون أن الحكمة والمعرفة
 نتيجة طبيعية للتأمل وعمل لاشيء
 تاركين للأفكار العظيمة فرصة للتداعي والهبوط
 دون تخطيط مسبق
 وبهذا الخصوص يقول الفيلسوف الصيني
 لين يوتانغ
 1895-1970
 في الصين الإبداع والخمول وجهان لعملة واحدة
،
 أكثر الرجال حكمة أكثرهم استغراقاً في التأمل بدون حركة
 أو عمل
،
 المعادلة ببساطة هي أن الحكماء ليسوا مشغولين والمشغولون ليسوا حكماء
،
وهو قول يذكرني بالإمام الشافعي
الذي وضع ستة شروط لتحصيل العلم
ذكاء
و
حرص
 و
اجتهاد
 و
بُلغة
و
صحبة أستاذ
و
طول زمان
والبُلغة أيها السادة كفاية الرزق
دون انشغال بوظيفة أو متابعة أسهم
 
 
المصدر
الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع
فهد عامر الأحمدي

 

    هل لاحظت أن طعم اللبن يتغير بتغير الإناء الذي يشرب فيه

 فطعمه مثلاً في الطاسة أو الغضارة

 غير طعمه في الكأس الزجاجية أو الآنية الفخارية 

 كما أن طعم القهوة العربية

في فنجانها المعتاد

 أطيب من شربها في "فنجان الشاي" أو " الترمسة الحافظة 

 أما "الكوكاكولا" فنستمتع بشربها من القارورة الزجاجية التقليدية

 أكثر من "العلبة المعدنية" أو "ماكينة الخدمة الذاتية

وأنا شخصياً مازلت استمتع بشرب الماء

 من "مغراف التوت" (أو التوتوا القديمة) أكثر من أي كأس زجاجية 

 كما استمتع بشرب القهوة الصباحية

من فنجان الفخار أو البورسلان

 أكثر بكثير من أي فنجان زجاجي أو بلاستيكي رخيص

وأكاد أجزم أن أحاسيس كهذه مرّت بكم

 وأن معظمكم يفضل الشرب وربما الأكل

 من آنية تناسب طبيعة المشروبات والأغذية الخاصة بها

ويعود السر في رأيي الى أحد احتمالين 

 الأول نفسي عام 

 و

الثاني كيميائي خاص

،

، 

فالاحتمال النفسي

 أنه مجرد تعوّد وألفة وعرف ورثناه منذ الصغر 

 فنحن نتعود منذ طفولتنا على شرب سوائل معينة

 في أوانٍ معينة

 وبالتالي يصعب استساغة الشرب في غيرها 

 فقد تعودنا مثلاً على شرب القهوة في فنجان خاص 

 واللبن في إناء معين

 و بالتالي يصعب علينا الاستمتاع بشربهما في أي إناء آخر

حيث يصبح الإناء نفسه من طقوس الاستمتاع بالمشروب

 أضف لهذا

قد يترافق الشرب في آنية معينة

مع ذكريات قديمة أو أزمنة طفولية جميلة

 وبالتالي نستعيد معها (وبطريقة لا واعية) مواقف وذكريات

ممتعة

 كأن يذكرنا الشرب بالغضارة برحلات البر أو زمن الأجداد 

أمّا

الاحتمال الثاني

 فهو أن المادة (التي يصنع منها الإناء) تُسرّب جزيئات معدنية

 حقيقية تضفي على المشروب نكهة خاصة 

 فبعض المواد والمعادن التي نشرب ونأكل بها

تتفاعل على مستوى الذرة مع المشروبات والأغذية نفسها 

 وهذه الحقيقة تتجلى في تأثير الأواني النحاسية أو الصدئة

 أو حتى البلاستيكية

 التي تسخن في الميكروييف

على مذاق الأطعمة التي تطهى بها 

 ورغم غرابة هذا الاحتمال

 إلا أنه موجود في الطبيعة و ملاحظ في المطاعم وبين ربات البيوت 

 فمياه الآبار مثلاً

 تتأثر بالأملاح والمعادن التي مرت بها وتفاعلت معها 

 و"المياه المعدنية" تخرج مشبعة بنسبة كبيرة

 من الغازات والأملاح والمعادن

مثل أكسيد الكربون وكبريتات المغنيسيوم والفلور

 و ربما بعض المواد المشعة

وما يصدق على الماء و"الشراب" يصدق على الأكل وأواني الطبخ 

 فالقدور النحاسية مثلاً

 قد تتكون فوقها طبقة خفية من أكسيد النحاس

الذي يؤثر في طعم الغذاء

وهي مادة سامة بالمناسبة

كما قد يتفاعل الألمنيوم مع

 الأحماض الموجودة في الخضروات و الفواكه

 التي يحتويها خصوصاً مع ارتفاع حرارة التسخين 

وفي المقابل

 وحسب ملاحظتي الخاصة

 يعد الزجاج أخف الأواني ضرراً وأكثرها استقراراً

 و عدم اختلاطاً بالأطعمة والسوائل التي تحتويه

ولعل هذا

هو سبب شعورنا بحياديته وعدم تأثيره على أي مشروب

 وكل هذه الحقائق تجعلنا لا نستبعد وجود تأثير خفي

و متبادل بين الأشربة والأواني التي تتضمنها

سواء كان هذا التأثير نفسياً لاواعياً  أو كيميائياً واقعاً

ورغم صعوبة الجزم بالجوانب الإيجابية والسلبية

 لهذه الظاهرة

إلا أنني أدعوك ببساطة لمسايرة رغبتك الخاصة

وشعورك بالارتياح لأي مادة يصنع منها إناؤك المفضل 

طبعاً ، باستثناء معدنيْ الذهب و الفضة

 اللذين نهانا الرسول الكريم عن الشرب فيهما والأكل في صحافهما

 

المصدر

الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع

فهد عامر الأحمدي


 
 
    ملايين الناس
 يستخدمون هذه الأيام محرك البحث الشهير
جوجل
 للبحث عن احتياجاتهم على الإنترنت
 ورغم أنه ليس الوحيد على الشبكة
 إلا أنه تحوّل بالفعل إلى
سنترال العالم
 الذي يستقبل القدر الأكبر من الطلبات والرغبات
 و الوثائق
 ذات الإهتمامات المختلفة
 وهذه الميزة حوّلت "جوجل" إلى أكبر جهاز تجسس في التاريخ
وأعظم "ترمومتر" يقيس حالة العالم
 واهتمامات البشر
 وميول المستهلكين 
 كون عمليات البحث ذاتها تفضح اهتمامات الناس في كل منطقة 
ومثل معظم محركات البحث الأخرى
 ينشئ "جوجل" ملفاً خاصاً لكل مستخدم
 يحتفظ بالنتائج التي بحث عنها
 خلال فترة تقدر بــ 35عاماً
 وبهذه الطريقة
 يعلم أين سافرت قبل عشرة أعوام
من خلال بحثك عن الفنادق وخطوط الطيران
 والبنوك التي تتعامل معها
من خلال دخولك على حساباتك الخاصة
 واهتماماتك الشخصية
التي تبحث عنها دون علم زوجتك وأطفالك
 بل ومتى كنت حاملاً في حال كنت امرأة
 من خلال المنتديات الطبية والنسائية ذات العلاقة
ومحركات البحث عموماً
 لا تنكر حرصها على معرفة اهتمامات المُستخدم
 بحجة أن هذا يساعدها على التجاوب مع رغباته المستقبلية
 و أقلمة نتائج البحث حسب ميوله الشخصية
 وإن كان الأهم بالنسبة إليها
 إغراقه بالإعلانات التي تطابق اهتماماته البحثية
 
.. وفي المقابل
 تعد مُحركات البحث
 منجم ذهب
 بالنسبة للشركات التجارية
وجامعي المعلومات الشخصية
 فالدخول المكثف إليها
جعلها تعرف عن كل مواطن في العالم
أكثر مما تعرفه الأجهزة الأمنية في البلد الذي يعيش فيه
لدرجة قد تلجأ إليها أجهزة المخابرات العالمية
لرصد توجهات وميول المشتبه بهم
 
 بل يمكن القول
 إنه من خلال رصد الإهتمامات الفردية
يُتاح لمحركات البحث
رصد اهتمامات وميول المجتمعات والشعوب نفسها
 فهناك مثلاً إحصائية تُشير إلى أن
 كلمة "جنس" هي أكثر كلمات البحث استعمالاً في شمال أفريقيا
في حين تأتي كلمة "أخبار" في المركز الأول في أمريكا
و "أسهم" في الصين
و "كرة قدم" في البرازيل
 وكما يمكن لمحركات البحث رصد اهتمامات الناس
في نطاق جغرافي معين
 يمكنها أيضاً رصد اهتماماتهم في نطاق زمني معلوم
 ففي أمريكا مثلاً كثر البحث عن كلمة "القاعدة" و "طالبان" بعد تفجيرات
 2001
في حين تصدرت كلمة "انتخابات" و "أوباما" اهتمامات المستخدمين
خلال الثلاثة أشهر الماضية
وبوجه عام
يمكن القول إنه كلما ارتفعت نسبة الدخول إلى موقع جوجل
 دل ذلك على تعطش شعوب تلك المنطقة أو سكان ذلك البلد
للمعلومات والمعارف الإلكترونية
وهو ما يظهر جلياً في مركز الشركة الرئيسي
في
 مونتن فيو بــ كاليفورنيا
حيث توجد شاشة إلكترونية ضخمة
 توضح كثافة الدخول على الموقع في كل دولة على حده
أتعلمون أين تكمن المفارقة
قبل 60عاماً تقريباً
 كتب الروائي البريطاني
 جورج أوريل
رواية سياسية بعنوان
الأخ الأكبر
 تصور فيها مجتمعاً بوليسياً يرصد تحركات وميول مواطنيه
 من خلال شاشات تلفزيون
تترصد حركاتهم في البيوت والشوارع ومكاتب العمل
 ورغم أن فكرة الرواية بدت حينها خيالية ومبالغاً فيها
رغم ظهور الأنظمة الماركسية المتشددة
في روسيا والصين وألمانيا الشرقية
 إلا أنها بدأت تتبلور هذه الأيام
من خلال شبكة عنكبوتية ضخمة تحيط بكرتنا الأرضية
تدعى إنترنت
 وشاشات تلفزيونية نجلس أمامها طواعية في البيوت
 والشوارع ومكاتب العمل
تدعى كمبيوتر
 
 
المصدر
 الموقع الإلكتروني لجريدة الرياض
زاوية حول العالم
للكاتب المبدع
فهد عامر الأحمدي