حواسنا غير الخارقة

Posted: May 28, 2009 in ثقافة عامة

 
 
 هل فكّرت يوماً
كيف يحلم الأعمى بأشياء لم يرها في حياته
 أو
 كيف يعرف معنى الألوان والفرق بين الأخضر والأحمر
؟؟
هل فكّرت كيف يعرف الأصم معنى الأصوات
و حديث البشر وغناء العصافير
 أو
 كيف يدرك معنى الموسيقى والفرق بين نغمات الأوركسترا
؟؟
و كيف يعرف من حُرم حاسة الشم
 الفرق بين رائحة الياسمين والبنزين، أو البصل والنارجين
؟؟
و حين يولد المرء فاقداً حاسة الألم – وهي حالة طبية نادرة- كيف تشرح له
 معنى الحار والبارد أو الفرق بين ألم الوخز والتهاب المفاصل
؟؟
 أنا وأنت
 نعرف ونفهم هذه الأحاسيس
 لأننا نجربها ونختبرها بشكل يومي ودائم
ولكن الكفيف و الأصم و بليد الإحساس
لا يعرف عن ماذا نتحدث ولا يتفق معنا في التصور والمعنى
!!
وهذا هو بالضبط حالنا نحن الأصحاء مع حواس كثيرة لا نملكها
 في حين تتمتع بها مخلوقات أخرى غيرنا
 فالبشر يعتمدون على خمس حواس فقط
هي الإبصار والسمع واللمس والشم والتذوق
 غير أن هناك مخلوقات يُمكنها الرؤية بالصوت
 و الشعور بالنبضات العصبية
 و الإبصار بالتدرجات الطيفية
 و ترحيل حاسة السمع
 و الإحساس بمجال الأرض المغناطيسي
 و الشعور بتغير الضغط وخلخلة الهواء……. الخ
ومن الطبيعي أن لا تفهم (أنت) هذه الأحاسيس كونك لم تجربها
 ومن الطبيعي أن أفشل (أنا) في نقلها إليك بشكل كامل ودقيق
 مثلما تفشل أنت في شرح معنى الألوان لرجل ولد كفيفاً
غير أن عقل الإنسان عوّض كل هذا من خلال ابتكارات وتقنيات
 من شأنها سدّ النقص وتقريب الفكرة
 
 فالرؤية بالصوت مثلاً
 يمكن تشبيهها بصور الرادار أو التصوير الصوتي للجنين
 وهذه الموهبة تملكها الحيتان والخفافيش عبر إصدار واستقبال
 طقطقات.. لا تسمعها الأذن البشرية
 
 أما السماع الموجّه أو المُرحّل
فهو انتقال السمع لمسافة بعيدة بحيث تستطيع البومة مثلاً
 سماع أرنب يجري على بعد أميال متجاهلة مابينمها من أصوات
 وأقرب تقنية شبيهه هي توجيه اللاقط أو "الدش" الصوتي
 
لسماع حدث معين في ملعب المباراة
 
 أما الإحساس بالنبضات العصبية
فحاسة يملكها القرش
الذي يمكنه رصد النبضات العصبية السارية في الجهاز العصبي
 لأي مخلوق أو سمكة بعيدة
 ولك أن تتصور رؤيته للغواصين
 كخطوط عصبية متحركة تشبه برادة الحديد حول المغناطيس
 
 أما موهبة الإحساس بضغط الهواء
 فتوجد لدى الفئران ومعظم الحشرات
 فالفئران تشعر بتخلخل الهواء الذي يسببه جسدك قبل حضورك
وقبل أن تسحق الصرصور بجزمتك يشعر بأن
ضغطاً ثقيلاً  تشكّل فوقه فيهرب قبل وصول قدمك
 
 أما الإبصار عبر تدرجات الطيف
 فأمر يصعب شرحه فعلاً
 ولكن يمكن القول إن أعيننا ترى من خلال نطاق موجي محدود
نسميه الضوء
 في حين يمكن للعصافير والحشرات
 الرؤية من خلال تدرجات أوسع ونطاق أعظم
وبالتالي رؤية أشياء وألوان لا نتخيل وجودها
 
 أما الإحساس بمجال الأرض المغناطيسي
فيمكن تشبيهه ببوصلة طبيعية
تشعر بفضلها الطيور والأسماك المهاجرة
بوجهتها ومواقع تواجدها
وهي دقيقة لدرجة قيادة العصافير إلى أعشاشها
والأسماك إلى مواقع ولادتها ضمن دائرة لا تتعدى عشرة سنتمترات
،،، 
كل هذا يثبت ضعف وهشاشة الحواس التي يملكها البشر مقارنة بمعظم المخلوقات
و لولا نعمة العقل التي عوض بفضلها هذه النواقص
 لانحدر في سلم الخلق وفشل في الإستمرار على كوكب الأرض
 
فهد عامر الأحمدي
Comments
  1. حنان says:

    دائما تتحفنا ياستاذ فهد بمواضيعك الشيقه فشكرا جدا

Leave a comment